كتب يديدا ستيرن أن إسرائيل تقف أمام لحظة حاسمة: إما أن تتبنى إطار المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف لإنهاء الحرب والتوصل إلى صفقة لإطلاق الأسرى، أو أن تختار احتلالاً كاملاً للقطاع بما يحمله من مخاطر ردود فعل دولية قاسية، وتكاليف اقتصادية باهظة، وانقسامات اجتماعية متزايدة في الداخل.
وأوضح في تقرير كتبه ليديعوت أحرنوت أن ربط القرار بالمصالح السياسية أو الائتلافية يُعد استخفافاً بالمسؤولية. إرسال الجنود إلى المعارك، ومنهم أبناء الكاتب، بلا مبرر أمني جوهري لا يمكن تصوره. عندما تُستبعد الحسابات السياسية، يظهر الاستنتاج الواضح: إنهاء الحرب يصب في المصلحة الاستراتيجية العليا لإسرائيل. مزايا إطالة أمد الحرب ضئيلة، بينما تتكشف مخاطرها على كل الأصعدة.
فكرة إعادة توطين الفلسطينيين أو إعادة إعمار غزة بالمستوطنين اليهود تبقى أوهاماً منفصلة عن الواقع. كذلك، لا يمكن الحديث عن "إعادة تثقيف" ملايين الفلسطينيين في المدى القريب، نظراً لرسوخ عقيدتهم الدينية ومعاناتهم خلال الحرب وأولويات حركتهم الوطنية.
قد يبدو الاحتلال الكامل وسيلة لتعزيز الردع، لكنه في الحقيقة حساب خاطئ. الردع يستند إلى التصورات، وهذه بدورها تعتمد على تفسير الوقائع. والوقائع تؤكد أن إسرائيل أظهرت كفاءة عالية في مواجهة المحور الشيعي، وأثبتت عزماً فاق التوقعات، كما برهنت على قدرتها على تدمير بنى غزة التحتية. تمسّك القيادة بفكرة أن النصر مرهون بالقضاء على آخر كتيبة من حماس يعني تسليم زمام السردية للعدو.
مع ذلك، يبدو أن رئيس الوزراء يفضّل التفريط بالإنجازات النفسية والدبلوماسية التي تحققت لصالح السيطرة على ما تبقى من القطاع. إذا لم يرتدع مقاتلو حماس حتى الآن، فهل ستغير الدبابات المعادلة؟ ولماذا تختار إسرائيل أن تُقاس قوتها العالمية من خلال معارك في ساحة يمنح فيها العدو نفسه ميزات نسبية؟
تمتد سلبيات إطالة الحرب إلى أبعاد خطيرة. تصاعد العداء لإسرائيل في الغرب بات ملموساً، إذ بدأ قطاع واسع من الشباب الأمريكي، في الحزبين الجمهوري والديمقراطي، يتبنى الموقف الفلسطيني. كما اعترفت دول غربية متزايدة بدولة فلسطينية. ألمانيا، التي اعتُبرت من أقرب حلفاء إسرائيل، فرضت حظر تصدير أسلحة إليها. استمرار الحرب سيُسرع هذا المسار ويُهدد مستقبل إسرائيل الاستراتيجي.
على مستوى اليهود في الولايات المتحدة، ينحسر الدعم تدريجياً. هذه الجالية لطالما شكّلت ركيزة قوة لإسرائيل في واشنطن، وخسارة هذا الارتباط ستكلف الدولة ثمناً باهظاً.
اقتصادياً، سيعني احتلال غزة تحمّل إدارة مباشرة للقطاع. تشير التقديرات إلى مليارات الشواقل سنوياً، في وقت خصصت الحكومة بالفعل مبالغ ضخمة لتقديم مساعدات غذائية للقطاع.
في الداخل، ينقسم المجتمع الإسرائيلي حول مصير الأسرى. يرى كثيرون أن استمرار الحرب يساوي التخلي عنهم. كل يوم يسقط فيه مدنيون جدد يفاقم الانقسام ويطرح أسئلة أخلاقية حول أهداف الحرب. كثيرون يعتقدون أن اعتبارات الائتلاف الحاكم تتفوق على الأمن القومي، وإذا تسللت هذه الشكوك إلى صفوف الجيش فقد يتعرض الردع الإسرائيلي لضرر فادح.
ويدعي الكاتب أن إسرائيل حققت بالفعل نصراً استراتيجياً: المواجهة مع إيران انتهت بإنجاز واضح. لكن الاستمرار في التوغل داخل غزة لا يخدم المصلحة البعيدة المدى للدولة، بل يعرّضها لخسارة ما كسبته من ما يعتبره الكاتب إنجازات عسكرية ودبلوماسية.
https://www.ynetnews.com/opinions-analysis/article/h1sjgctkxg